خطبة بعنوان (كيف تكون محبوبًا عند الله؟) للدكتور مسعد الشايب
adminaswan
14 أغسطس، 2024
د / مسعد الشايب
62 زيارة
((كيف تكون محبوبًا عند الله؟))
صور وخصال تجلب محبة الله للعبد
11 من صفر 1446هـ الموافق 16 من أغسطس 2024م
======================================
أولا: العناصر:
1. عشر خصال تجلب محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد.
2. (الخطبة الثانية): كيف أعرف أن الله يحبني ومعي أو أنه أقصاني؟.
ثانيا: الموضوع:
الحمد لله رب العالمين، أحبّ مَنْ أطاعه واتقاه، وأبغض مَنْ خالف أمره وعصاه، نحمده سبحانه وتعالى، ونشكره على حلو نعمائه، ومر بلوائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله أفضل الأنبياء، وأكرم الأتقياء، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
==================================
(1) ((عشر خصال تجلب محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد))
================================
أيها الأخوة الأحباب: فمما لا شك فيه أن محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد هي أعلى ما يطمح إليه عباد الله الصالحون في تلك الحياة الدنيا، ومن تيسير الله (عزّ وجلّ) لنا، ومن رحمته ورأفته بنا سبحانه وتعالى؛ أن أبان لنا في القرآن والسنة عن العديد من الخصال والصفات التي بها نستوجب بها المحبة الإلهية، والعناية الربانية.
===
فتعالوا بنا أحبتي في الله بإذن من الحق تبارك وتعالى في لقاء الجمعة الطيب المبارك؛ لنعيش مع عددٍ من الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة، التي تجلب لنا محبة الله (عزّ وجلّ) فأعيروني يا عباد الله القلوب، وأصغوا إليّ بالقلوب والآذان، فأقول وبالله التوفيق:
===
إن محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد لا تتأتى ولا تتحصل من فراغ، ولكنها نتيجة اجتهادات، وطاعات، وعبادات، وقربٍ كثيرة لربّ الأرض والسموات، وقد بيّن لنا القرآن الكريم، وأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) تلك العبادات والطاعات، فمن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
1ـ التوبة، والأوبة، والرجوع إلى الله (عزّ وجلّ)، وصدق الله إذ يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة:222].
والتوبة هي: ترك الصفات الذميمة، والتحلي بضدها من الأخلاق الحميدة، وعرفها أصحاب المشارب الروحية فقالوا: هي أن تذيق النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية، وهذا التعريف مستنبطٌ من قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)(رواه مسلم).
==
والتوبة الصادقة الخالصة النصوح بشرائطها التي ذكرها الفقهاء تكفر السيئات والزلات، وتؤدي إلى دخول الجنات مع مرافقة سيد السادات، وبالتالي فمن فوائدها الابتعاد عن الدركات، وصدق الله إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التحريم:8]، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
2ـ العدل في الحكم والمعاملة بين الناس، بغض النظر عن أجناسهم، وألوانهم، وعقائدهم، والعدل: هو إعطاء الحق والواجب من نفسك وأخذه، أو إعطاء كل ذي حقٍ حقه من الأقوال والأفعال والحقوق بدون تفرقةٍ بين دين ودين، أو جنس وجنس، أو لون ولون وبدون محاباة لأحدٍ على أحد، فالعدل هو المساواة في المكافأة، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
وصدق الله إذ يقول: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة:8]، وهذه الآية في شأن المعاملة مع أهل الكتاب.
==
ويقول الحق تبارك وتعالى في شأن الحكم بين المتنازعين آمرًا بالعدل في الحكم بينهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الحُجُرات:9]، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
3ـ الإحسان، بمعنى إتقان العمل، وبمعنى الإتيان بالأفعال الحسنة، وبمعنى صنع المعروف، وصدق الله إذ يقول في شأن الأفعال الحسنة: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة:195]، ويقول سبحانه وتعالي: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:134،133].
وقال (صلى الله عليه وسلم): (انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ، وَبِاللَّه،ِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا، وَلَا صَغِيرًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(رواه أبو داود)، وقال (صلى الله عليه وسلم) في شأن إتقان العمل: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ)(رواه أبو يعلى)، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
4ـ التوكل على الله (عزّ وجلّ)، وصدق الله إذ يقول مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم): {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران:159]، والتوكل على الله (عزّ وجلّ): هو طمأنينة القلب بموعود الله (سبحانه وتعالى)، وصدق اعتماد القلب عليه في استجلاب المصالح في كل أمور الدنيا والآخرة.
==
والتوكل على الله (عزّ وجلّ) خلقٌ عظيم من أعظم أخلاق المسلمين، ومقام من أعلى مقامات اليقين بالله (عزّ وجلّ)، وهو من أشرف أحوال المقربين، وهو مفتاح كل خير، وهو عمل قلبي، وهو عبادةٌ لا يعرفها إلا عباد الله المخلصين الصادقين، لذلك أمر الله (عزّ وجلّ) به المرسلين ومن تبعهم من المؤمنين فقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[التوبة:51]، وقد تكرر هذا الأمر بنصه في سبعة مواضع من القرآن الكريم، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
5ـ الطهارة المعنوية، أو الطهارة الباطنية، طهارة القلب من الغل والحسد، والبغضاء….الخ، وهي المقصودة بقول الله (عزّ وجلّ) حينما نهى عن عمارة مسجد الضرار: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}[التوبة:108]، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ). فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة، فقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ)(رواه مسلم)، فترك الكبر على الناس، وترك احتقارهم وازدرائهم من طهارة الباطن التي حثتنا على التحلي بها شريعتنا الإسلامية الغراء.
==
إن المؤمن المتحلي بطهارة القلب، وسلامة الصدر هو أفضل أهل الإيمان، وعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما)، أنه قيل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم): أيُّ الناس أفضل؟. فقال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ) أي: في أقواله وأخباره، ووعوده، ونصحه وإرشاده…الخ. قالوا: صدوق اللسان، نعرفه، فما مخموم القلب؟. قال: (هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ)(رواه ابن ماجه)، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
6ـ إتباع النبي (صلى الله عليه وسلم)، إتباع سنته، وشرعه، أو مجانبة البدعة، وصدق الله إذ يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[آل عمران:31]، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
7ـ الزهد في الدنيا، بمعنى ترك التقاتل والتكالب، والحرص عليها، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) في الحديث: (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ)(رواه ابن ماجه).
==
والزهد في الشريعة الإسلامية: عرفه العلماء بعدة تعريفات، وكلها تتفق في الرغبة عن الدنيا، فقيل: هو بغض الدنيا والإعراض عنها. وقيل: هو ترك راحة الدنيا طلبا لراحة الآخرة. وقيل: هو أن يخلو قلبك مما خلت منه يدك. وقيل: هو ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة. وقيل: عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه. ولا شك أن الدنيا خير من الأخرة، ولذا قيل في تعريفه أيضًا: سفر القلب من وطن الدنيا، وأخذه في منازل الآخرة، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
8ـ الصبر، بأقسامه الثلاثة: الصبر على أداء الطاعة، الصبر عن المعاصي، الصبر على الأقدار السيئة في نظرنا، فالصبر هو حبس النفس على المكروه، وصدق الله إذ يقول: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:146]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ)(رواه الترمذي). ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
9ـ الاتحاد، واجتماع الكلمة، وخصوصًا في مواجهة الأعداء، وصدق الله إذ يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4]، قال الإمام ابن الجوزي: (ويجوز أن يكون عنى أن يستوي ثباتهم في حرب عدوهم حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص)(زاد المسير)، ومن الطاعات، والعبادات، والخصال الكريمة التي نستجلب بها محبة الله (عزّ وجلّ):
======
10ـ تقوى الله (عزّ وجلّ) عمومًا، وهي ألا يرانا الحق تبارك وتعالى حيث نهانا، وألا يفتقدنا حيث أمرنا، أو هي: الخوف من الجليل، والرضا بالقليل، والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل، فالتقوى أيها الأخوة الأحباب: كلمةٌ جامعة تمتد؛ لتشملَ الدينَ كلَّه، فهي تعني التمسك بعقائد الإسلام، وتشريعاته، وقيمه ومبادئه وأخلاقه، فهي تشمل الأصول والفروع والأخلاق، وهذا من عظيم مكانتها، وصدق الله إذ يقول: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[آل عمران:76].
==
وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)(رواه البخاري).
عباد الله: أقول قولي هذا، واستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة فالتائب من الذنب كمت لا ذنب له.
===========================================
(الخطبة الثانية)
((خمسة من علامات محبة الله للعبد))
((كيف أعرف أن الله يحبني ومعي أو أنه أقصاني؟))
===========================================
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
==
أيها الأحبة الكرام: ما زال الحديث بنا موصولا مع موضوع محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد، وبعض الصور والخصال الجالبة لتلك المحبة، ولا يتبقى لنا في تلك الجمعة المباركة؛ إلا أن نعيش مع بعض علامات محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد في شريعتنا الإسلامية الغراء، فأقول، وبالله التوفيق، من علامات محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد:
======
1ـ الإكثار من قراءة القرآن الكريم عمومًا، وسورة الإخلاص خصوصًا، فعن السيدة عائشة (رضي الله عنها): أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: (سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟). فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ)(متفق عليه)، ومن علامات محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد:
======
2ـ الإنجاء من المهالك والمزالق، قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ*قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء:62،61]، وقال تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة:40]، ومن علامات محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد:
======
3ـ حبّ آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وخصوصًا سيدنا الحسن وسيدنا الحسين (رضي الله عنهما وعن والديهما)، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال للحسن بن علي: (اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ)(متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ)(رواه الترمذي)، ومن علامات محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد:
======
4ـ صدقة السرّ، والتهجد بالليل، والإقبال على جهاد العدو، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ): رَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللَّهِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَمَنَعُوهُ فَتَخَلَّفَهُمْ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ فَأَعْطَاهُ سِرًّا لَا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلَّا اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) وَالَّذِي أَعْطَاهُ، وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَانْهَزَمُوا فَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لَهُ)(رواه النسائي)، ومن علامات محبة الله (عزّ وجلّ) للعبد:
======
5ـ التآخي والتصادق والتزاور الخالص، والتصافي والتناصر في الله (عزّ وجلّ)، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (قَالَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ): وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ)(رواه أحمد)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينِ يَتَصَافُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَنَاصَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ يُعْدِمُ اللَّهُ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ مَنْ صُلْبِهِمْ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ)(مجمع الزوائد).
======================================
فاللهم إنّا نسألك حبك، وحبّ الأعمال التي تقربنا لحبك، اللهم إنّا نسألك رضاك والجنة، وما يقربنا إليهما من قولٍ وعملٍ، ونعوذ بك من سخطك والنار، وما قرب إليهما من قولٍ وعملٍ، اللهم اجعل قلوبنا متعلقة بك واشغلنا بإصلاح أنفسنا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
كتبها الشيخ الدكتور/ مسعد أحمد سعد الشايب