ولكن الشيعة جعلوا ذلك كله لولاية الاثني عشر، وجاءت رواياتهم لتجعل المغفرة والرضوان والجنات لمن اعتقد الإمامة وإن جاء بقراب الأرض خطايا، والطرد والإبعاد والنار لمن لقي الله لا يدين بإمامة الاثني عشر، فقالوا: “إنّ الله عزّ وجلّ نصب عليًّا علمًا بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنًا، ومن أنكره كان كافرًا، ومن جهله كان ضالاً، ومن نصب معه شيئًا كان مشركًا، ومن جاء بولايته دخل الجنّة” [أصول الكافي: 1/ 437.].
وقالوا في رواياتهم: “… فإن من أقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته، وصومه، وزكاته، وحجه، وإن لم يقر بولايتنا بين يدي الله جل جلاله لم يقبل الله عز وجل شيئًا من أعماله” [أمالي الصدوق: ص154، 155.].
وقال أبو عبد الله – كما يزعمون -: “من خالفكم وإن تعبد منسوب إلى هذه الآية: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً}” [الآيات من سورة الغاشية 2-4، والنص في تفسير القمي: 2/419.].
وزعموا أن جبرائيل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام ويقول: “خلقت السماوات السبع وما فيهن، والأرضين السبع وما عليهن، وما خلقت موضعًا أعظم من الركن والمقام، ولو أن عبدًا دعاني هناك منذ خلقت السّماوات والأرضين ثم لقيني جاحدًا لولاية علي لأكببته في سقر” [أمالي الصّدوق: ص 290، بحار الأنوار: 27/167.].
ولا تترك رواياتهم وجهًا من أوجه المبالغة في عبادة جاحد الولاية وعدم نفعها له إلا وتذكره حتى قالت: “… لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت” [الخصال: 1/41، المحاسن: ص224، بحار الأنوار: 27/167، 168.].
وزعمت أن الله قال – كما يفترون -: “يا محمد، لو أنّ عبدًا يعبدني حتى ينقطع ويصير كالشّنّ ثم أتاني جاحدًا لولايتهم ما أسكنته جنّتي ولا أظللته تحت عرشي” [بحار الأنوار: 27/ 169.].
وادعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجئ بولاية علي بن أبي طالب لأكبّه الله عزّ وجلّ بالنّار” [أمالي الشّيخ الطّوسي: 1/314].
“ولو أن عبدًا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيًا ما قبل الله ذلك منه حتى يلقاه بولايتي وولاية أهل بيتي” [بحار الأنوار: 27/172.].
بل إنهم جعلوا التوحيد لا يقبل إلا بالولاية، ففي أخبارهم “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنّة، فقال رجلان من أصحابه: فنحن نقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّما تقبل شهادة أن لا إله إلا الله من هذا وشيعته، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأس عليّ وقال لهما: من علامة ذلك ألا تجلسا مجلسه ولا تكذبا قوله …” [بحار الأنوار: 27/ 201.].
فهذا يقتضي عندهم أن الولاية مقدمة على الشهادة وهي أساس قبولهم.. ولا تقبل الشهادة إلا من شيعة علي.
واعتقاد الإمامة هو مناط عفو الله ومغفرته، وإنكارها هو سبب سخط الله وعقابه، وجاءت عندهم بهذا المعنى روايات كثيرة؛ فقد رووا “عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبرائيل عن الله عز وجل قال: وعزتي وجلالي لأعذبن كل رعية في الإسلام دانت بولاية إمام جائر ليس من الله عز وجل، وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية، ولأعفون عن كل رعية دانت بولاية إمام عادل من الله تعالى، وإن كانت الرعية في أعمالها طالحة سيئة” [النعماني/ الغيبة: ص83، بحار الأنوار: 27/201.].
ورواياتهم في هذه المسألة كثيرة جاء على أكثرها صاحب البحار، فقد ذكر مثلاً عشرين رواية في “باب أنهم عليهم السلام أهل الأعراف.. لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه” [بحار الأنوار: 24/247-256.] وإحدى وسبعين رواية في “باب أنه لا تقبل الأعمال إلا بالولاية” [المرجع السابق: 27/166-202.] وغيرها.
وكل هذه الروايات ليست من الإسلام في شيء، فأمامنا كتاب الله سبحانه ليس فيه مما يدعون شيء، وهو الفيصل الأول، والمرجع الأول في كل خلاف.