عن وهب بن منبه قال: مر عيسى بن مريم عليه السلام بقرية قد مات أهلها إنسها وجنها وهوامها وأنعامها وطيورها،
فقام: ينظر إليها ساعة ثم أقبل على أصحابه
فقال: مات هؤلاء بعذاب الله ولو ماتوا بغير ذلك ماتوا متفرقين،
قال: ثم ناداهم عيسى: يا أهل القرية!
قال فأجابه مجيب: لبيك يا روح الله،
فقال: ما كانت جنايتكم؟
قال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا،
قال: وما كانت عبادتكم الطاغوت؟
قال: الطاعة لأهل معاصي الله،
قال: فما كان حبكم للدنيا؟
قال: كحب الصبي لأمه، كنا إذا أقبلت فرحنا وإذا أدبرت حزنا مع أمل بعيد وإدبار عن طاعة الله تعالى وإقبال في سخط الله عز وجل،
قال: فكيف كان شأنكم؟
قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في هاوية،
قال عيسى: وما الهاوية؟
قال: سجين،
قال: وما سجين؟
قال: جمرة من نار مثل أطباق الدنيا كلها دفنت أرواحنا فيها،
قال: فما بال أصحابك لا يتكلمون؟
قال: لا يستطيعون أن يتكلموا،
قال عيسى: وكيف ذاك؟
قال: هم ملجمون بلجام من نار،
قال: فكيف كلمتني أنت من بينهم؟
قال: إني قد كنت فيهم ولم أكن على حالهم فلما جاء البلاء عمني معهم وأنا معلق بشعرة في الهاوية لا أدري أأكردس في النار أم أنجوا،
فقال عيسى عليه السلام: بحق أقول لكم: لأكل خبز الشعير وشرب ماء القراح والنوم على المزابل مع الكلاب لكثير مع عافية الدنيا والآخرة.
[ حلية الأولياء ]