عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: رأيت النبي ﷺ في النوم، فرأيته لا ينظر إلى. قلت: يا رسول الله، ما شأني؟ قال: أوَلَستَ المُقَّبِّلَ وأنت صائم؟ فقلت: والذي نفس عمر بيده، لا أقَبِّلُ وأنا صائم أبداً. [1] وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يرى جواز القبلة للصائم فعدل عن رأيه.
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: (أتيت عثمان لأسلم عليه وهو محصور فدخلت عليه فقال: “مرحبا بأخي، رأيت رسول الله ﷺ الليلة في هذه الخَوْخةُ -قال: وخَوْخَة في البيت- فقال: «يا عثمان حصروك؟»
قلت: نعم!
قال: «عطَّشوك؟»
قلت: نعم!
فأدلى دلوًا فيه ماء فشربتُ حتى رويت، إني لأجد برده بين ثديي وبين كتفي، وقال لي: «إن شئت نُصِرتَ عليهم، وإن شئت أفطرت عندنا» فاخترت أن أفطر عنده”، فقتل ذلك اليوم)[2].
الخَوْخةُ: نافذة صغيرة في البيت يدخل منها الضوء.
وعن علي رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه أنه رأى في منامه كأنه صلى الصبح خلف النبي ﷺ واستند رسول الله ﷺ إلى المحراب، فجاءت جارية بطبق رُطَبٍ فوُضع بين يدي رسول الله ﷺ، فأخذ منها رطبة وقال: “يا علي، تأخذ هذه الرُّطَبة؟” فقلت: “نعم يا رسول الله”، فمد يده وجعله كذا في فمي، ثم أخذ أخرى وقال لي مثل ذلك فقلت: “نعم”، فجعلها في فمي، فانتبهت وفي قلبي شوق إلى رسول الله ﷺ وحلاوة الرُّطَبِ في فمي، فتوضأت وذهبتُ إلى المسجد فصليت خلف عمر واستند إلى المحراب، فأردت أن أتكلم بالرؤيا، فمِن قبل أن أتكلم جاءت امرأة ووقفت على باب المسجد ومعها طبق رُطَب فوضع بين يدي عمر فأخذ رُطبة، وقال: “تأكل من هذا يا علي؟” قلت: “نعم”، فجعلها في فمي، ثم أخذ أخرى وقال لي مثل ذلك فقلت: “نعم”، ثم أخذ أخرى كذلك ثم فرق على أصحاب رسول الله ﷺ يمنة ويسرة وكنت أشتهي منه، فقال: “يا أخي، لو زادك رسول الله ﷺ ليلتك لزدناك”، فعَجِبتُ وقلت: “قد أطلعه الله على ما رأيت البارحة!”، فنظر وقال: “يا علي، المؤمن ينظر بنور الله”، قلت: “صدقت يا أمير المؤمنين هكذا رأيته، وكذا رأيتُ طعمه ولذته من يدك كما وجدت طعمه ولذته من يد رسول الله ﷺ”.[3]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت النبي ﷺ في المنام أشعث أغبر، معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتبع فيها شيئا قال :قلت: يا رسول الله، ما هذا؟ ! قال: “دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم”.[4]
عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله ﷺ في النوم فقال لي: “أُدنُ يا عمر” ثم قال لي: “أُدنُ يا عمر” ثم قال لي: “أُدن يا عمر” حتى كدتُ أن أصيبه، ثم قال لي: “يا عمر، إذا وليت فاعمل في ولايتك نحوًا من عمل هذين”، وإذا كهلان قد اكتنفاه. قلت: من هذان يا رسول الله؟ قال: “هذا أبو بكر، وهذا عمر”.[5]
وعن المثنى بن سعيد قال: سمعت مالك بن أنس رضي الله عنه يقول: “ما بت ليلة إلا رأيت رسول الله ﷺ”.[6]
وعن الربيع قال: بعثني الشافعي بكتاب من مصر إلى أحمد بن حنبل، فأتيته وقد انفتل من صلاة الفجر فدفعت إليه الكتاب
فقال: أقرأته؟ فقلت: لا!
فأخذه فقرأه فدمعت عيناه، فقلت: يا أبا عبد الله وما فيه؟
فقال: يذكر أنه رأى رسول الله ﷺ في المنام فقال: “اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل وأقرأ عليه مني السلام وقل له: إنك ستمتحن وتدعى إلى القول بخلق القرآن فلا تجبهم، يرفع الله لك علماً إلى يوم القيامة”.
قال الربيع: فقلت حلاوة البشارة!
فخلع قميصه الذي يلي جلده فأعطانيه، فلما رجعت إلى الشافعي أخبرته قال: إني لست أفجعك فيه، ولكن بله بالماء وأعطينيه حتى أتبرك به.[7]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه البزار وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رجاله رجال الصحيح.
[2] رواه ابن عساكر في تاريخه وابن كثير في البداية والنهاية.
[3] رواه المحب الطبري في الرياض النضرة في مناقب العشرة، وعبد الرحمن الصفوري في نزهة المجالس ومنتخب النفائس والدهلوي في إزالة الخفاء عن سيرة الخلفاء.
[4] رواه الإمام أحمد في المسند والطبراني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
[5] رواه ابن عساكر في تاريخه.
[6] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء.
[7] رواه البيهقي وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد وابن كثير في البداية والنهاية.