كلمة رجب معناها التعظيم والهيبة، يقال: رجب الولد أباه ترجيباً، أى: عظَّمه وفَزِعَ منه، وشهر رجب شهر التعظيم والفزع من الله تعالى، فهو شهر الإقبال بالكلية على الله، والتفرغ له سبحانه وتعالى من فعل ما يكره، وترك أكثر المباحات رغبة فى نيل رضوانه الأكبر.
{رجب وما أدراك ما رجب !! }
شهر قرب الحبيب من الحبيب، وتطهير القلوب والأشباح بغسل القلوب بعد شَقِّها بمُدْيَةِ الشوق إلى الله، وملئها بنور الحكمة، وطرائف العرفان، وتطهير الأبدان من مقتضياتها الإنسانية بالحضور مع العالم الأعلى، والغيبة عن العالم الأسفل، بل وتطهيرها من مقتضيات الآدمية بالاتصال بالعالم الروحانى، والانفصال عن العالم الشبحى رعايةً وملاحظةً حتى يحصل للنفس إسراءً، وللقلب والروح شهودٌ، ولديها يكون علم نسبة رجب إلى الله تعالى.
دعاء غرة رجب ١٣٣٢هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد ولك الشكر، لا إله إلا أنت سُبحانك، أسألُك يا حيُّ يا قَيُّوم أن تتفَضَّل بِفضلِكَ العظيم علىٰ عَبدِك المِسكينِ الذَّليل، وأَن تتجَلَّىٰ لي يا إلٰهي بِجَمَالِ معاني أسمائكَ وصِفاتِكَ، تَجَلِّياً يِؤنِسُنِي بِوَجهِكَ الجميل، وَيَجْذِبُ قَلْبِي إلىٰ حَضرَتِكَ العليةِ، ويُشهِدُ روحي أَنوارَ تَنَزُّلاتِكَ الرَّبَّانِيَّةِ، وأسرار فَيضِكَ الأَقدَس.
ربِّ واجِهني مواجَهةً بِحَقيقةِ جَمَالِكَ تجعلُني لَوحاً مَحفُوظاً مُجَمَّلاً بكمالِ آياتِكَ، وكُرسِىَّ مُقابَلَةٍ لجلالِ عظمَتِكَ وكِبريائِكَ، وعرشاً لِاستواءِ رَحمَانيتِكَ، وأُمَّ كتابٍ لاجتلاءِ أخلاقِكَ سبحانك، حتى أكونَ نوراً مُشرِقاً في الحَضرتين مُجملاً بالنسبينِ، فأكُنَ عبداً صِرفاً خالصاً لذاتِكَ الأحَدِيّّةِ، كامل الاضطرارِ إلىٰ ربي جل جلالُهُ، عزيزاً بعزَّتِكَ، قوياً بِقُوَّتِكَ، غنياً بفضلك العظيم.
رب أَشرِقْ شمسَ اليقينِ الحقِّ في أُفقِ قَلبي، وجَمِلْ لطائفَهُ بِمَشَاهِدِ مَلَكُوتِكَ، والإشراف على القُدُسِ الأعلىٰ، حتى أكوُنَ حاضرَ القلبِ ذاكِراً فاكِراً شاكِراً.
ربِّ وامنحنني حُبَّكَ الذي لا يَضُرُّنِي بَعدَهْ شيءٌ، وولايتك التى تعصمني بها من شّرِ نَفسي وشيطاني وشَرِّ الناس أجمَعينَ. رَبِّ وحصِّنِّي بِحُصُونِكَ المَنيعةِ من الأمراض، ومن عداوةِ الخلقِ، ومن وعثاء ِالسفرِ، وسوءِ المُنقَلَبِ، وَهَبْ لي يا إلٰهي عِنايَتَكَ الربانية، ومَعونتَكَ الإلٰهية حيثُ كنتُ وكيفَ كُنتُ، حتى أكون عزيزًا بعزِّكَ، مَحفوظاً بِحِفظِكَ، وامنحني سِرَّ تَجَلِّي اسمِكَ الحفيظِ السَّلامِ، الواقي الشافي، الفتاحِ العليمِ، القوىِّ المَتينِ، المُنْعِمِ، المُتَفَضِّلِ، القريبِ المُجِيبِ، وكُنْ أَقرَبَ إلي مِنِّي في كل حالي خصُوصاً عند ابتهالي وسؤالي، واجعل يا إلٰهي فضلك العظيم بالوُسْعَةِ الإِلَٰهيَّةِ عليَّ عند كبر سِنِّي وضَعْفِ قُوَّتي، وأكملَ تَوفيقِكَ وهِدايتكَ لي عندَ قُربِ انتقالي من تلك الدَّارِ الدُّنيا، وامنحني يَاإِلٰهي عند خروج روحي التَّمَتُّعَ بِشُهود وجهِكَ الجميل، والفَرَحَ بالإقبالِ علىٰ حضرتك، وبَشِرنِي يا إلٰهي حتىٰ أُفَارِقَ الدُّنيا فَرِحاً مسروراً مُجَمَّلاً بِسِرِّ قَولِكَ “لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ”.
رب وأَكرِمْ أولادِي وَأهلي وإِخوَانِي وأحبابي وتوَلَّنِي وتَوَلَّهُم جميعاً يا إلٰهي، وانظُر يا إلٰهي لِجماعةِ المسلمين بأعيُنِ جمالِكَ، وَأَعْــلِ كلِمَتَكَ، وجَدِّدْ سُنن نبيك صلى الله عليه وسلم.
ربِ امنحني علم يقينٍ يَكْمُلُ به إيماني، حتى أتجَمَّل بحقيقة التوكل على جنابكَ العليِّ، وروحني يا إلٰهي بروحِ القُدُسِ وريحان المشاهَدةِ، حتىٰ تتجلَّىٰ لي مَعَاني صِفَاتِ جمالِك بأسرار تنزُّلاَتِكَ، وناوِلنِي يا إلٰهي من راحِ حُبِّكَ مابهِ أكونُ محبوباً لذاتِكَ، وصرِّفني يا إلٰهي في عوالم مُلككَ وملكوتِكَ تصريف من توليتهم بولايتكَ الخاصة، وخَصصتَهُم بالرضَا عن جنابك العَلِيِّ، وجَمَّلتهُم بحقيقة “وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” وأظهِرني يا إلٰهي نُوراً مبيناً في أُفقِ الدلالة علىٰ حضرتِكَ وبيانِ سبيلك، وأيدني يا إلٰهي بحفظِكَ الذي حفِظتَ بهِ عِبادَكَ الصالحينَ، واحفظني ياإلٰهي من حظٍ يُطغينِي، أو هَوىً يُعمِينِي، أَوشُحٍّ يُبعِدُنِي، رَبِّ ولا تَجعَل لي هَماً إلا في ذاتكَ العليةِ، ولا شوقًا إلا إليكَ ياربَّ العالمين، ولا رَغبةً إلا فيما عندكَ، واعصمني يا إلٰهي من النَّاسِ “لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ” وصلى الله علىٰ سيدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبه ِوسلَّمَ آمينَ يَارَبَّ.
الإمام المجدد أبو العزائم