الاسم والنسب:
عبد الحليم محمود، وينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما.
المولد والنشأة:
* وُلد الشيخ عبد الحليم محمود في قرية (أبو أحمد) من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية في (2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ الموافق 12 من مايو 1910م)، والقرية منسوبة إلى جده (أبو أحمد) الذي أنشأ القرية وأصلحها، وتُسمَّى الآن باسم (السلام).
* نشأ الشيخ الإمام عبد الحليم محمود في أسرة كريمة شريفة ميسورة، مشهورة بالصلاح والتقوى، وكان والده -رحمه الله- صاحب دين وخلق وعلم، ذا همة عالية وثقافة، وكان ممن شغفوا بالثقافة الدينية وحلقات الأزهر العلمية، فدرس في الأزهر فترة طويلة، حضر فيها على كبار الأساتذة آنذاك، منهم «الشيخ محمد عبده»، مما كان له الأثر في توجيه ابنه للدراسة بالأزهر.
مسيرته العلمية:
* حفظ الشيخ القرآن الكريم في سِنٍّ مبكرة، مِمَّا أثار إعجاب قريته ومُحفِّظه.
* دخل الشيخ عبد الحليم الأزهر سنة 1923م، وظل به عامين ينتقل بين حلقاته، حتى تم افتتاح معهد الزقازيق سنة 1925م، فألحقه والده به لقربه من قريته، ثم التحق بعدها بمعهد المعلمين المسائي، فجمع بين الدراستين، ونجح في المعهدين، ثم عُيِّن مُدَرِّسًا، ولكن والده آثر أن يكمل الشيخ عبد الحليم دراسته.
* تقدم الشيخ لامتحان إتمام الشهادة الثانوية الأزهرية فنالها سنة 1928م في سنة واحدة حيث يقول هو عن ذلك: «فلما نقلت إلى السنة الأولى من القسم الثانوي رأيت أن الوقت فيها- بالنسبة لي ضائع أو شبه ضائع، لأن ما لدي من علوم ومعرفة تتخطى حدود المقرارات في هذه السنة وما يليها… وكانت نظم الأزهر -حينذاك- تبيح للطالب بالسنة الأولى الثانوية، أن يتقدم مباشرة لامتحان الشهادة الثانوية الأزهرية من الخارج… ونجحت وأرضى ذلك آمال والدي وشعوره نحوي، والحمد لله».
* استكمل الشيخ الإمام دراسته العليا، فنال العَالِمية سنة 1932م.
* السفر إلى فرنسا: وكان والده –عليه رحمة الله- يحب أن يرى ابنه الشيخ عبد الحليم مُدَرِّسًا بالأزهر؛ لكنه فوجئ برغبة الشيخ الملحة في السفر إلى فرنسا؛ لإتمام الدراسة في جامعاتها، وذلك على نفقته الخاصة، وأخذ يحاول أن يثني الشيخ عن رأيه بشتى الوسائل، ولكن محاولاته لم تفلح.
وآثر الشيخ عبد الحليم أن يدرس تاريخ الأديان والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس.
* وفي سنة 1938م التحق بالبعثة الأزهرية التي كانت تدرس هناك، وفاز بالنجاح فيما اختاره من علوم لعمل دراسة الدكتوراه، في البداية فكر الشيخ رحمه الله أن يكتب في مجال يتصل بـ «فن الجمال» لكن رفض الموضوع، ففكر ثانيا في أن يكتب في مجال يتصل بـ«مناهج البحث» فرفض أيضًا، وبعد تجارب هنا وهناك في مجالات مختلفة من الموضوعات وبعد تردد في هذا الموضوع أو ذاك ، هداه الله إلى موضوع التصوف الإسلامي ولم يكن هذا مصادفة، وإنما هي الهداية والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وكان موضوعها: «أستاذ السائرين الحارث بن أسد المحاسبي»، وفي أثناء إعداد الرسالة قامت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر سنة 1939م، وآثر كثير من زملائه العودة، ولكنه بالإيمان القوي والعزيمة الصلبة أصر على تكملة الرسالة وبلغ هدفه.
* نال الدكتوراه بدرجة امتياز بمرتبة الشرف الأولى، وقررت الجامعة طبعها بالفرنسية، يوم 8 من يونيه سنة 1940م .
* بدأ الشيخ الإمام حياته العملية مُدَرِّسًا لعلم النفس بكلية اللغة العربية، ثم نقل أستاذًا للفلسفة بكلية أصول الدين سنة 1951م، ثم عميدًا للكلية 1964م، وعين عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية، ثم أمينًا عامًّا له، وبدأ عمله بدراسة أهداف المجمع، وكوَّن الجهاز الفني والإداري من خيار موظفي الأزهر ونظمه خير تنظيم، وأنشأ المكتبة به على أعلى مستوى من الجودة، وبعدها أقنع المسؤولين في الدولة على تخصيص قطعة أرض بمدينة نصر لتخصيصها للمجمع لتضم جميع أجهزته العلمية والإدارية إلى جانب قاعات فسيحة للاجتماعات، فكان أول من وضع لبنات مجمع البحوث الإسلامية واهتم بتنظيمه، وواصل الشيخ عبد الحليم محمود اهتمامه بالمجمع بعد تعيينه وكيلا للأزهر ثم وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر، ثم شيخًا للأزهر.
في سنة 1970م صدر قرار جمهوري بتعيينه وكيلا للأزهر، فازدادت أعباؤه، واتسعت مجالات جهوده، فراعى النهضة المباركة في مجمع البحوث، وبدأ يلقي محاضراته في كلية أصول الدين، ومعهد الدراسات العربية والإسلامية، ومعهد تدريب الأئمة، إلى جانب محاضراته العامة في الجمعيات والأندية الكبرى بالقاهرة وغيرها من الأقاليم، وكان مع هذا كله يوالي كتابة الدراسات والمقالات في المجلات الإسلامية الكبرى، ويواصل الدراسات ويصنف المؤلفات القيمة ويشرف على رسائل الدكتوراه، ويشارك في المؤتمرات والندوات العلمية، وامتد نشاطه إلى العالم الإسلامي كله بنفس الهمة والنشاط.