يقول العلامة الشيخ محمد الغزالي استدعاني فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد حسن الباقوري إلى بيته وقال لي : أريد أن ألقاك في أمر مهم ، فذهبت إليه وعندما جلست على المقعد القريب مني ، فإذا بالشيخ الباقوري يجلسني في مقعد آخر ، واعتذرت له أولاً عن غيابي عنه لأنه كان مريضاً ، وكان الشلل ينال منه ، فبادرني بالسؤال الآتي : ما بينك وبين سيدنا عمرو بن العاص ؟
.
فاستغربت السؤال , وقلت : بيني وبين سيدنا عمرو بن العاص ؟ ! لا شيء ، أنا خطيب في مسجده .
.
قال الشيخ الباقوري : لا ، هناك شيء .
.
فشعرت بالدهشة , وقلت : أي شيء ؟
.
قال : أنا أحكي لك ما رأيت وأنت تفسر .
.
قلت له : ماذا رأيت ؟
.
قال : بينما أنا نائم شعرت بطارق يقرع الباب ويقول الوالي قادم ، قلت : من القادم ؟ من الوالي قادم ؟
.
قال : عمرو بن العاص .
.
قال الشيخ الباقوري : فتهيأت للقاء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشعرت بخفة في بدني – رغم الشلل الذي كان يعاني منه – ودخل عمرو بن العاص وجلس في مكانك هذا ، رجل قصير القامة ، لكن في عينيه عمقاً فكأنهما محيطان . فقال لي – أي عمرو بن العاص – : أبلغ الشيخ الغزالي أنني غفرت له تطاوله عليّ , لأنه أحيا مسجدي ، وهذا المسجد هو رابع مسجد في الإسلام ، لأنه المسجد الذي اجتمع فيه الفاتحون الذين هزموا الرومان في مصر وأدخلوا الإسلام .
.
قال الشيخ الباقوري : وشعرت بشيء من الرهبة ، وإذا بعمرو بن العاص ينصرف ، وأنا استيقظ على صوت المؤذن للفجر ، وصليت الفجر وعدت إلى النوم ، وتكررت الرؤيا ، فأنا استدعيتك لأعرف كيف تطاولت على عمرو ، ولِمَ غفر لك ؟! .
.
قال الشيخ الغزالي معلقاً على الرؤيا : الحقيقة عندما سمعت الرؤيا أخذتني رعدة ، وشعرت بالميل للبكاء ، وقلت : أنا ذهبت إلى مسجد عمرو كارهاً , وبدرت مني كلمات ضد عمرو بن العاص ، لأني كنت أكره الذين حاربوا علي بن أبي طالب ، ولكن الآن وبعد أن سمعت هذه الرؤيا ، أنا أتوب إلى الله من ذكر أحد الصحابة بما لا يليق .. وعمرو له مكانته ، ولولاه والمؤمنون معه ما دخل الإسلام مصر ، وما اعتنقت أنا الإسلام.
.
قال الشيخ الباقوري : على كل حال الرجل تجاوز عنك , ونوّه بأنك أحييت المسجد ، بعد أن كان المسجد ميتاً .
.
قال الغزالي : فقلت له : يغفر الله لي ما كان ، وأنا على العهد ، لا أبسط لساني إلا بالخير لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً