قال العارفُ الواسطي رحمه الله: بينما أنا أمشي في البادية، إذ أعرابيّ جالس منفرداً،
فدنوت منه وسلّمتُ عليه، فردَّ عليّ السلام وأبي أن أكلِّمه، فقال: اشتغلْ بذكر الله فإن ذكرَ الله شفاءُ القلوب.
ثم قال: كيف يتفرغ ابن آدم من ذكره وخدمته، والموت في أثره، والله ناظرٌ إليه؟
ثم بكى وبكيت معه .
فقلت له: ما لي أراك فريداً وحيداً؟
قال: ما أنا بوحيد والله معي، وما أنا بفريد والله مؤانسي، ثم قام ومضى مسرعاً، وهو يقول: سيدي، أكثر خلقك مشغولون عنك بغيرك، وأنت عِوَضٌ عن جميع ما فات، يا صاحب كل غريب، ويا مؤنس كل وحيد، ويا مأوى كل فريد، وجعل يمُرُّ وأنا أتبعه .
ثم أقبل إلىَّ ؟ وقال: ارجعْ عافاك الله إلى من هو خير لك مني، ولا تشغلني عمن هو خير لي منك، ثم غاب عن بصري([1]) .
([1])حدائق الأولياء ج2 , سراج الدين أبي حفص عمر بن علي/ابن الملقن .