من احسن اخلاق الصوفية التواضع , ولا يلبس العبد أفضل من التواضع.
ومن ظفر بكنز التواضع والحكمة يقيم نفسه عند كل أحد مقدارا يعلم أن يقيمه.
ويقيم كل احد على ما عنده من نفسه , ومن رزق هذا فقد أستراح وأراح , وما يعقلها الا العالمون.
وكان من تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيب دعوة الحر والعبد , ويقبل الهدية , ولو أنها جرعة لبن , أو فخذ أرنب , ويكافئ عليها , ويأكلها , ولا يستكبر عن اجابة الأمة والمسكين.
سئل الجنيد عن التواضع فقال: خفض الجناح , ولين الجانب
وسئل الفضيل عن التواضع فقال: تخضع للحق , وتنقاد له , وتقبله ممن قاله , وتسمع منه.
وقيل: من عرف كوامن نفسه لم يطمع في العلو والشرف , ويسلك سبيل التواضع, فلا يخاصم من يذمه , ويشكر الله لمن يحمده.
وقال النووي :خمسة أنفس أعز الخلق في الدنيا: عالم زاهد , وفقيه صوفي , وغنى متواضع , وفقير شاكر , وشريف سنى
وقال يوسف بن اسباط وقد سئل ما غاية التواضع قال: ان تخرج من بيتك فلا تلاقى احدا الا رأيته خيرا منك.
وقال يحي بن معاذ: التواضع في الخلق حسن ولكن في الأغنياء أحسن , والتكبر سمج في الخلق ولكن في الفقراء أسمج.
وقال ذو النون: ثلاثة من علامات التواضع: تصغير النفس معرفة بالعيب , وتعظيم الناس حرمة للتوحيد , وقبول الحق والنصيحة من كل واحد.
والكشف عن حقيقة التواضع أن التواضع رعاية الاعتدال بين الكبر والضعة , فالكبر رفع الانسان نفسه فوق قدره , والضعة وضع الانسان نفسه مكانا يزرى به ويفضى الى تضييع حقه([1]).
([1]) إحياء علوم الدين للإمام الغزالى , المجلد الخامس , ص 185 .