يروى أن عروة بن الزبير رحمه الله قُطِعَت رِجّْلهُ لمرض قد أصابه , وبعد مدة قصير تُوفي أحد أبنائه بعد تعرضه لِرَفسَّةِ فرس .
فقال عروة اللهم لك الحمد أعطيتني سبعة أبناء وأخذت واحداً , وأعطيتني أربعة أطراف وأخذت واحداً , فإن إبتَليَّت فطالما عَافَيَّت , وإن أخذتَ فطالما أعطَيَّت , فلكَ الحمد على كُلِّ ما قَدَّرتَ بهِ عليَّ وقَضَيَّت .
ومرت الأيام وذات يوم دخل عروة مجلس الخليفة فوجد شيخاً طاعناً في السِّنْ مُهَشَّم الوَجّْه أعمى البصر فقال الخليفة : يا عروة سَّلْ هذا الشيخ عن قصته
قال عروة : ما قصتك يا شيخ ؟!
قال يا عروة إعلم أنِي بِتُّ ذات ليلة في وَادٍ وليس في ذلك الوادي أغنى مني مالاً ومتَاعَاً وجَاهَاً وعِيَال , فأتانا سَيَّلٌ بالليل ونحنُ نِيَّام , فَجِّرَف كل شيء معه فَأخذَ عيَالِي ومَتَاعِي ومالي .
فما طلعت الشمس عليَّ إلا وأنا لا أملك في دنياي إلا طِفلٌ صغيِّر وبعِيِّرٌ واحِد , فهرب البَعِيِّر فَأردت اللحاق به ولم أبتعد كثيراً حتى سمعت خَلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فَمِ الذئب فانطلقت لإنقاذه , فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه فعدت لألحق بالبَعِيِّر فرفسني على وجهي فهشَّمَهُ وأعمى
بصري وهرب.
قال عروة : وما تقول يا شيخ بعد كُلِ هذا ؟
فقال الشيخ: أقول الحمد لله الذي أبقى لي قلباً عَامِرَاً بِمَحَبَتِه ولِسَانَاً يَلّْهَجُ دائِمَاً بِذِكره!