نحن في عصر طغت عليه المادية والآلية ، حتى أفقدت كثيرا من أناسي هذا العصر معاني إنسانيتهم ، وجمدت في نفوسهم مشاعر بشريتهم . أضلوا أنفسهم ، وأضاعوا مشاعرهم وعواطفهم ، في ضجيج الآلات وحمى الشهوات . وليس من سبيل لإنقاذهم من هذا الطوفان الجامح، إلا بأن يلقوا بأنفسهم وقلوبهم وأرواحهم في بحار النور، حيث الحبور والسرور، و الطمأنينة والسكينة : (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) النور العذب الصافي الذي لاتكدره بدعة ، ولا تلوثه شطحة ، يصدر عن قلوب استنارت بنور الله : (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) أفاض الله عليها هداياه وعطاياه، علوما وأذواقا ، وأحوالا وأشواقا ، فهم كما وصفهم الإمام الكلاباذي في التعرف:
“سبقت لهم من الله الحسنى ، وألزمهم كلمة التقوى ، وعزف بنفوسهم عن الدنيا . صدقت مجاهداتهم ، فنالوا علوم الدراسة ، وخلصت عليها معاملاتهم ، فمنحوا علوم الوراثة ، وصفت سرائرهم أكرموا بصدق الفراسة . ثبتت أقدامهم ، وزكت أفهامهم ، وأنارت أعلامهم . فهموا عن الله ، وساروا إلى الله ، وأعرضوا عما سوى الله …) .
من كتاب “محمد الحامد” لتلميذه الشيخ عبدالحميد طهماز .
حمل كتاب ( ريحانة التصوف ويليه أجمل ما قيل فى التصوف )