يقول الشيخ أبو النجيب السهروردي: ” مقام التوبة : هو الرجوع إلى الله تعالى بعد الذهاب ، مع دوام الندامة ، وكثرة الاستغفار “ .
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي: ” مقام التوبة : هو من المقامات المستصحبة إلى حين الموت ما دام مخاطباً بالتكليف أعني التوبة المشروعة ، وأما توبة المحققين فلا ترتفع دنيا ولا آخرة ، فلها البداية ولا نهاية لها ” .
يقول الشيخ ابن عباد الرندي: ” مقام التوبة : هو أول المقامات وأساسها وعليه تنبني أنواعها وأجناسها ، وهي تبديل الحركات المذمومة بالحركات المحمودة ، فيدخل في عموم هذا حركات الظاهر والباطن في العقود والأقوال والأفعال “
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي: ” مقام التوبة : هو بحسب الشريعة ترادف نعم الله تعالى على العبد التائب ، ولهذا تتبدل جميع سيئاته حسنات “([1]) .
أما مقام التوبة بحسب الحقيقة : فهو الرسوخ في درجات القرب من قبيل قوله :
إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة . وقال في الورثة المحمديين : ” يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فارْجِعوا ” .
وأضاف الشيخ قائلاً : ” إن درجات القرب إلى الله تعالى لا نهاية لها في الدنيا ولا في الآخرة ، والصحيح أنه لا وصول إلى الله تعالى أبداً ، وإنما الجميع سائرون إليه من الأزل إلى الأبد . ومقام التوبة : هو الدخول في هذا السير مع هؤلاء السائرين . وما ثم إلا رفع حجاب ومصادفة حجب أخرى خلفها . والتجليات لا نهاية لها والحجب لا نهاية لها ، والكشوفات لا نهاية لها ” .
يقول الشيخ أبو الحسن الهجويري : للتوبة مقامات ثلاثة : الأول : التوبة الثاني : الإنابة ، الثالث : الأوبة .
ويراد بالتوبة خوف العقاب ، وبالإنابة طلب الثواب ، وبالأوبة مراعاة الأمر ، لأن التوبة مقام عامة المؤمنين ، وهي الرجوع عن الكبائر , والإنابة مقام الأولياء والمقربين , والأوبة هي مقام الأنبياء والمرسلين .
فالتوبة إذاً : هي الرجوع عن الكبائر إلى الطاعة ، والإنابة : هي الرجوع عن الصغائر إلى المحبة ، والأوبة : هي الرجوع من النفس إلى الله تعالى . فالفرق بين الرجوع عن الفواحش إلى الأوامر ، والرجوع عن اللمم إلى التفكير والمحبة ، والرجوع من النفس إلى الله ظاهر وبين .
يقول الشيخ عمر السهروردي” : جمع مقام التوبة : حال الزجر ، وحال الانتباه ، وحال التيقظ ، ومخالفة النفس ، والتقوى ، والمجاهدة ، ورؤية عيوب الأفعال ، والإنابة ، والصبر ، والرضا ، والمحاسبة ، والمراقبة ، والرعاية ، والشكر ، والخوف ، والرجاء “
يقول الإمام جعفـر الصادق : ” كل فرقة من العباد لهم توبة . فتوبة الأنبياء : من اضطراب السر . وتوبة الأولياء : من تلوين الخطرات . وتوبة الأصفياء : من التنفيس . وتوبة الخاص : من الاشتغال بغير الله . وتوبة العام : من الذنوب ، ولكل واحد منهم معرفة وعلم في أصل توبته ، ومنتهى أمره ”
توبة العامة
يقول الإمام القشيري توبة العامة : هي الرجوع عن الزلات
الشيخ أحمد بن عجيبة توبة العامة : هي ترك الذنوب.
الشيخ أحمد بن علوية المستغانمي يقول : ” توبة العامة : هي الرجوع إلى امتثال الأوامر واجتناب المنهيات ، والإقلاع عن كل وصف مذموم والندامة والتأسف عما فات “
توبة الخواص
الشيخ ذو النون المصري يقول : ” توبة الخواص : هي من الغفلة ”
ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة عن توبة الخواص : ” الرجوع عن كل وصف ذميم إلى كل وصف حميد ” ([2]) .
توبة خاصة الخاصة
يقول الإمام القشيري : هي الرجوع من رؤية التوفيق إلى مشاهدة الرفق .
ويقول الإمام أحمد بن عجيبة توبة خاصة الخاصة : هي ترك كل ما شغل السر عن حضرة علام الغيوب.
ويقول الإمام عبد القادر الجزائري توبة خاصة الخاصة : هي التوبة من التوبة ، فيشهدون أنه تعالى هو التائب بهم ، فإن توبتهم من أفعالهم ، وأفعالهم لله ، ليس لهم منها شيء ([3]) .
–
([1]) آداب المريدين ويليه داعي الفلاح إلى سبل النجاح, لأبي النجيب عبد القاهر السهروردي البكري ص 23 , الفتوحات المكية ج3 , محيي الدين بن عربي الحاتمي ص 213
([2]) المنح القدسية على الحكم العطائية لابن عطاء الله , لشيخ الإسلام عبدالله الشرقاوى ص 49
([3]) المواقف الروحية والفيوضات السبوحية,عبد القادر بن محيي الدين/الجزائري , ج2 ص 29
من كتاب ( ريحانة التصوف ويليه أجمل ما قيل فى التصوف ) ص 17- 20