يتحدث البعض عن مسألة.. ضرورة وجود الشيخ..
المربي.. الهادي.. القدوة.. الدليل.. في طريق أهل الله..!!
وقد وضع شيخنا الإمام “الرائد محمد زكي إبراهيم”..
فصلًا في كتابه الماتع (أصول الوصول)..
بعنوان (اتخاذ الشيخ شريعة وطبيعة).. يقول فيه:
يقول الحق تبارك وتعالى “ولكلِّ قَومٍ هَادٍ”،
فدَلَّ على أن قضية المعلم الهادي، والدليل المرشد،
ضرورة لزومية طبعًا وشرعًا.
ومن هنا أرسلَ اللهُ الرسُلَ مبشرين ومنذرين..
لئلَّا يكونَ للناس على الله حُجة بعد الرسل،
“وما كُنَّا مُعَذِّبينَ حَتَّى نَبعثَ رَسولَا”.
ولم يَدَع الناسَ لأفكارهم وحدها -وإن سَمَتْ-،
فإن العقل مهما بلغ فهو محل للخطأ،
ولأن العلم وحده قد يكون طريق الهلاك،
والأدلة شتَّى..
في تواريخ الفلاسفة والمفكرين العقليين والعلميين وأصحاب المذاهب الاجتماعية المختلفة والواقع المكرر.
ومن هنا وُجِدَ الإشراف والتوجيه البشري في كل شيء..
سواء كان وظيفة، أو تجارة، أو تعليمًا، أو احترافًا،
أو إدارة، أو حكومة، أو غير ذلك.
ومن هنا جاء أمر الله باتخاذ القدوة الصالحة..
“لقد كان لكم في رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنة”،
“قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيمَ والذينَ معه”.
(ولا تكون القدوةُ حسنةً إلا إذا كان اللهُ غايتَها)..
“واتَّبِع سبيلَ مَن أنابَ إليَّ”، “ولا تَتَّبِع سبيلَ المفسدين”،
“يا قومِ اتَّبعونِ أَهدِكُم سبيلَ الرشاد”،
“اتَّبِعوا مَن لا يَسئَلُكم أجرًا وهُم مُهتدون”.
وعندما ذكر الله أنماطًا من أهل القدوة الصالحة الداعية إليه تعالى في سورة الأنعام.. قال لرسوله:
“أولئكَ الذينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ”،
ولو شاء الله لأنزل كتابًا بغير نبي، ولكنه لم ينزل كتابًا إلا ومعه نبيه صلى الله عليه وسلم، ليُبَيِّنَ للناس ما نزل إليهم.
ربما كان الأخذ السليم عن الكتاب السليم فيه الأجر فقط،
أما الأخذ عن الشيخ ففيه الأجرُ وفيه الوصولُ معًا،
لأن فيه سِر الإمداد بالبركة، وَرَبْط المُريد بالحَبل المُحمدي،
وذلك أشبه بالتيار الكهربائي، لا ينتقل إلا بالموصل.
وفي قضية جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم معنى اتخاذ المرشد الهادي والدليل المعلم، وإلا فربما كان يكفي النور الإلهي المُنقَدِح في القلب المحمدي عن مُصاحبة جبريل والأخذ عنه..!!
وقد طلب موسى عليه السلام الشيخ المعلم المرشد الهادي الدليل، وسعى إليه حتى وجده في العبد الصالح،
وتتلمذ عليه، ولم يَكتَفِ موسى بأنه كليم الله..!!
وهل يمكن لأي إنسان..
أن يقرأ القرآن قراءة صحيحة بغير موقف خبير؟!!
وكذلك شأن جميع الصناعات والفنون.
وقد كان الله هو المرشد الأعظم والمعلم الأكبر، فخلق الإنسان، علمه البيان، وعلمه ما لم يكن يعلم، وهداه النجدين.
ثم إن اتخاذ الشيخ مما لا يتم الواجب إلا به،
فهو واجب كما رأيت طبعًا وشرعًا،
مؤيَّدًا بالواقع العلمي والتاريخي،
والموضوعية التي لا تقبل النقاش.