قال الله تعالى: “إنما يَخشَى اللهَ مِن عبادِه العلماءُ” سورة فاطر.
أي أنّ العلماءَ هم الذينَ يخشَونَ الله، أي هم أكثرُ خَشيةً مِن غيرِهم، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لفَقيهٌ واحِدٌ أشَدُّ على الشّيطانِ مِن ألفِ عابِد ” رواه البيهقي.
لأنّ الفقيهَ أي العالِمَ يَسُدُّ عن نفسِه مَداخِلَ الشّيطَانِ لإفسَادِ عبادَتِه عليهِ، أمّا الجاهِلُ يُمَشّي علَيهِ الشّيطانُ دسَائسَهُ فيُفسِدُ عِبادتَه وهو لا يَدري، أمّا العالِمُ إذا أخطَرَ لهُ الشّيطانُ لأن يَفعلَ شَيئًا على وجهٍ فاسدٍ في العبادةِ يَعرفُ أنّ هذه العبَادةَ إذا فعلَها على هذا الوجهِ فاسِدَة فيتَجنّبُ ذلك.
وهذه الآية دليل على أنّ الجَهلَ يتَصرَّفُ بصَاحبِه تَصرُّفًا شَاذًّا عن الحقِّ.
أما العلماءُ فيَعرفونَ ما أحَلّ اللهُ وما حَرّم الله فيتّبعونَ شَرعَ الله، يؤدُّونَ الواجباتِ ويَجتَنِبُونَ المحَرَّمَاتِ، هؤلاء عَرفوا مَا أمَرَ اللهُ بهِ عبادَه وفرَضَ علَيهم فأدَّوا، وعرَفوا ما حرَّمَ الله على عبادِه فتجَنّبوا، فهؤلاء الذين يخشَونَ اللهَ أكثَرَ مِن غيرِهم، أمّا الجاهلُ قَد يَفعَلُ الشّىءَ ويَظنُّه عِبادةً مَقبُولَةً وهيَ فاسِدَةٌ وقَد يُهمِلُ شيئًا وهو فَرضٌ.