إِنْ حَفِظْتَهَا تَعِشْ سَعِيدًا وَتَمُتْ حَمِيدًا
وصية سيدي جعفر الصادق لابنه موسى الكاظم -رضي الله عنهما-:
حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، قَالَ: ” دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرٍ وَمُوسَى بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يُوصِيهِ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ، فَكَانَ مِمَّا حَفِظْتُ مِنْهَا أَنْ قَالَ:
يَا بُنَيَّ اقْبَلْ وَصِيَّتِي، وَاحْفَظْ مَقَالَتِي، فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَهَا تَعِشْ سَعِيدًا وَتَمُتْ حَمِيدًا.
يَا بُنَيَّ مَنْ رَضِيَ بِمَا قُسِمَ لَهُ اسْتَغْنَى.
وَمَنْ مَدَّ عَيْنَهُ إِلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ مَاتَ فَقِيرًا.
وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِمَا قَسَمَهُ اللهُ لَهُ اتَّهَمَ اللهَ فِي قَضَائِهِ.
وَمَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ نَفْسِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ غَيْرِهِ.
وَمَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ غَيْرِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ نَفْسِهِ.
يَا بُنَيَّ مَنْ كَشَفَ حِجَابَ غَيْرِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ.
وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ.
وَمَنِ احْتَفَرَ لِأَخِيهِ بِئْرًا سَقَطَ فِيهَا.
وَمَنْ دَاخَلَ السُّفَهَاءَ حُقِّرَ.
وَمَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ.
وَمَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ.
يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ أَنْ تُزْرِيَ بِالرِّجَالِ فَيُزْرَى بِكَ.
وَإِيَّاكَ وَالدُّخُولَ فِيمَا لَا يَعْنِيكَ فَتَذِلَّ لِذَلِكَ.
يَا بُنَيَّ قُلِ الْحَقَّ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ تُسْتَشَانُ بَيْنِ أَقْرَانِكَ.
يَا بُنَيَّ كُنْ لِكِتَابِ اللهِ تَالِيًا.
وَلِلسَّلَامِ فَاشِيًا.
وَبِالْمَعْرُوفِ آمِرًا.
وَعَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِيًا.
وَلِمَنْ قَطَعَكَ وَاصِلًا.
وَلِمَنْ سَكَتَ عَنْكَ مُبْتَدِئًا.
وَلِمَنْ سَأَلَكَ مُعْطِيًا.
وَإِيَّاكَ وَالنَّمِيمَةَ؛ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ الشَّحْنَاءَ فِي قُلُوبِ الرِّجَالِ.
وَإِيَّاكَ وَالتَّعَرُّضَ لِعُيُوبِ النَّاسِ فَمَنْزِلَةُ التَّعَرُّضِ لِعُيُوبِ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْهَدَفِ.
يَا بُنَيَّ إِذَا طَلَبْتَ الْجُودَ فَعَلَيْكَ بِمَعَادِنِهِ فَإِنَّ لِلْجُودِ مَعَادِنَ، وَلِلْمَعَادِنِ أُصُولًا، وَلِلْأُصُولِ فُرُوعًا، وَلِلْفُرُوعِ ثَمَرًا، وَلَا يَطِيبُ ثَمَرٌ إِلَّا بِأُصُولٍ، وَلَا أَصْلٌ ثَابِتٌ إِلَّا بِمَعْدِنٍ طَيِّبٍ.
يَا بُنَيَّ إِنْ زُرْتَ فَزُرِ الْأَخْيَارَ، وَلَا تَزُرِ الْفُجَّارَ، فَإِنَّهُمْ صَخْرَةٌ لَا يَتَفَجَّرُ مَاؤُهَا، وَشَجَرَةٌ لَا يَخْضَرُّ وَرَقُهَا، وَأَرْضٌ لَا يَظْهَرُ عُشْبُهَا.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى: فَمَا تَرَكَ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ “
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 195)