يُحكى: أن الشيخ أبا بكر الضرير رضي الله عنه قال:” كان في جواري شاب حسن الوجه، يصوم النهار ولا يُفطر، ويقوم الليل ولا ينام، فجاءني يوماً وقال: يا أستاذي، إني نمت عن وردي الليلة، فرأيت كأن محرابي قد انشقّ، وكأني بجوارٍ قد خرجن من المحراب، لم أر أحسن منهنّ وجهاً. وإذا فيهنّ واحدة شوهاء فوهاء لم أر أقبح منها منظراً، فقلت: لِمَن أنتنّ؟ ولمن هذه؟!!
فقلن: نحن لياليك التي مضت، وهذه ليلة نومك .. ثم أنشأت الشوهاءُ تقول:
اسـأل لمولاك واردُدْني إلى حالي *** فأنت قبّحتنـي مـن بيـن أمثـالي
لا ترقدنّ الليالي مـا حييت؛ فـإنْ *** نمت الليـالي فهي الدَّهـر أمثـالي
نحن السرور لمن نال السرور بنا *** جوف الظلام بسُكنى المنزل العـالي
فقد أرِدت بخيرٍ إذ وُعِظـتَ بنـا *** فأبشـر؛ فأنت من المولى على بالِ
فأجابتها جارية من الحِسان تقول:
أبشِر بخيرٍ؛ فقـد نلت المنى أبداً *** في جنة الخلد في روضات جنـات
نحن الليالي اللواتي كنت تسهرها *** تتلو القـران بتـرجيـعٍ ورنـات
نحن الحِسان اللواتي كنت تخطبنا *** جـوف الظلام بلوعاتٍ وزفـرات
أبشر؛ فقد نلت ما ترجوه من ملكٍ *** بَـرّ يجـود بأفضــالٍ وفرحـات
غداً تراه تجلى غيـر محتـجـبٍ *** تـُدنى إليه وتحظـى بالتحيــات
ثم شهق شهقةً خرَّ ميتاً، رحمه الله تعالى. “انتهى