العِلل الخفية !!

العِلل الخفية !!

كثير من الناس يؤدون الطاعات والعبادات , ولكن محجوبون عن الفتح الأعظم والترقى في مراقى القُرب ، والاجتماع بأرواح الأنبياء والمرسلين والاقطاب والعارفين

ومغلق عنهم باب الشهود ورؤية صور التجليات

ومغلق عنهم باب العلوم اللدنية والمعارف القدسية

ومغلق عنهم باب الوصل بالحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم

والسبب في ذلك ( العلة الخفية ) , أو ما يسمى ( دسائس النفس ) ,

أى أنهم لم يتطهروا الطهارة الكاملة التى يكون فيها العبد ظاهره مثل باطنه صافى كالمرآة

على الرغم أنه يؤدى العبادات كل ليلة ويزيد بالنوافل لكن قلبه مسجون تحت رق الشهوات المتعددة : مثل شهوة الجماع وشهوة الطعام والشراب

فإن كان رجلاً فإنه يطلق بصره في النساء , وإن كانت إمرأة فإنه تطلق بصرها أيضا فى الرجال

وشهوة الكلام وشهوة الإعجاب بالنفس وحب الظهور , وأن يراه الناس شخصاً مؤمناً تقياً ورعاً

لكن ينبغى أن نُفرّق بين نوعين:

الأول : من يعرف علته ولا يحاول أبداً أن يعالجها , وهذا الشخص أبواب القرب والوصال مغلقة أمامه

قال الإمام أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه : 《 حَكم القدوس ألا يدخل حضرته أصحاب النفوس 》 لأنهم رضوا بعللهم بل وتلذذوا بما يصدر عنها

ويقول الإمام أبو حامد الغزالي قدس الله سرهرضى الله عنه : 《 حضرة الله مُقدسة لا يدخلها إلا المُطهّرون 》 فمن رضي بعِلته كمن يأكل فى أرض القطيعة , يرعى كل يوم فى مراعى البُعد والغفلات , يوطّن لنفسه مقعداً بمقاعد ضياع الأعمار

وقد تجد هذا النوع فى بعض (المتصدرين بالعلم أو المشيخة ) , فتأخذهم آفة حب الظهور في وسائل الإعلام , فيقعون فريسة سهلة للنفس وتمر عليهم الأيام , وهم مع آفاتاهم فى انسجام.. , يفرحون بشدة إذا أثنى الناس عليهم

وينزعجون بشدة إذا ذمهم الناس أو ولوا عنهم

قد تراهم مجتهدين في عد الأذكار

ويحصدون الآلاف على السبحة..!!

جاء مريد إلى شيخه وأستاذه قال : إننى أقيم الفرائض والسنن وأردد أورادى كل ليلة

ولا أجد فتحاً ولا مددا ..فما الأمر ؟

فقال الشيخ: فيك علة خفية في نفسك فاذهب وعالجها

فقال بغير صدق : لا أعرفها

فقال الشيخ : بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره .

النوع الثانى هو من يعرف علته ويجتهد كل يوم في معالجتها

فتارة يغلب نفسه ، وتارة تغلبه , فهذا مجتهد ولكل مجتهد نصيب

قال تعالى 《 والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا》

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.