كان رجل صالح اسمه ثابت بن ابراهيم يسير ذات يوم قرب بستان، وكان يتضور جوعا، فسقطت أمامه تفاحة فأخذها مغلوبا بحاله وباشر بأكلها!
ثم تذكَّر أنها ليست من حقه، فأراد أن يصحح خطأه، فدخل على البستاني وقال له: أكلت من تفاحة سقطت أمامي، فسامحني فيما أكلت وخذ ما بقي منها.
فقال البستاني: أنا لا أملك السماحة، فالبستان ليس ملكي، وإنما هو ملك سيدي فلان.
قال ثابت: وأين هو سيدك حتى أذهب إليه وأستسمحه؟
فقال: بينك وبينه مسيرة يوم وليلة.
قال ثابت: لأذهبن إليه مهما كان بعيدا؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به).
وذهب ثابت إلى مالك البستان، وطرق بابه.
ففتح مالك البستان الباب، فسلم ثابت عليه، ثم أخبره عن أكله من التفاحة، وطلب منه المسامحة.
فنظر إليه الرجل متعجبا! وقال: لا أسامحك الا بشرط واحد.
قال ثابت: وما هو؟
فقال: الشرط ان تتزوج ابنتي، لكنها صماء وبكماء وعمياء ومقعدة!
قال ثابت: قبلت خطبتها ..
فأتى الرجل بشاهدين وعقد زواج ثابت وابنته، وأمر بحجرة الزواج فأُعِدَّت، فأدخل ابنته فيها، ثم أذن لثابت بالدخول.
قال ثابت: ألست فلانة الصماء البكماء العمياء المقعدة؟
فقالت: بلى!
أنا عمياء عن الحرام؛ لأن عيني لا تنظر إلى ما حرم الله.
أنا صماء؛ لأني لا أسمع ما لا يرضى الله.
أنا بكماء؛ لأن لساني لا ينطق إلا بما يرضى الله.
أنا مقعدة؛ لأن قدمي لا تحملنني إلى ما يسخط الله، فنظر ثابت إلى وجهها فكأنه القمر ليلة التمام، فشكر الله تعالى.
ثم إنه أنجب منها مولودا ملأ أطباق الأرض علما:
وهو الإمام أبو حنيفة النعمان
(حلية الأولياء)