من حقوق الصحبة عند أهل التصوف [الجزء السابع]

ومن حق الأخ على الأخ: أن يأمره بستر المقام إذا تلمح منه الميل إلى الظهور ومن أحب الحق فهو عبد الخفاء.
وكل من خرج إلى الخلق قبل وجود الإذن الخاص به فهو مفتون ومسخرة للناس.
وما خرج الأولياء للخلق إلا بعد أن هددوا بالسلب إن لم يفعلوا فالعاقل من ستر مقامه حتى يتولى الله إظهاره بغير مراد منه.
ومن حق الأخ على الأخ: أن يتظاهر بعداوة من عاداه بغير حق أما معاداته بالباطن لا تجوز.
ومن حق الأخ على الأخ: أن يقوم له إذا ورد عليه ولو كره هو ذلك لاسيما في المحافل فقد قالوا: إياك أن تترك القيام لأخيك في المحافل فربما تولد من ذلك الحقد والضغائن فتعجز بعد ذلك عن إزالته
ومن حق الأخ على أخيه:  إلا يحدثه بحديث كذب لان فيه استهانة به وفى الحديث(كبرت خيانة أن تحدث أخاك بحديث هو لك مصدق وأنت له كاذب) رواه البخاري في الأدب.

ومن حق الأخ على أخيه: إلا ينساه من الدعاء والمغفرة والرحمة كلما وجد وقته صافيا مع ربه سواء كان ذلك في ليل أو نهار أو سجود أو غيره.

ومن حق الأخ على أخيه: إلا يحقد عليه.
وفى الحديث: (ثلاث من كن فيه فإن الله يغفر له ما سوى ذلك: من مات لا يشرك بالله شيئا ولم يكن ساحرا يتبع السحرة ولم يحقد على أخيه)رواه الإمام البخاري في الأدب.
وقال القوم: كل من كان عنده حقد أو مكر أو خديعة أو غش لأحد فهو كذاب في طريق القوم ولا يجوز ان يكون داعيا إلى الله تعالى.
ومن حق الأخ على أخيه: إذا تحدث ان يشخص ببصره إليه حتى يفرغ من حديثه فإن ذلك يزيد في صفاء المودة.
كما ان التلاهي عن حديث الأخ أو قطع كلامه قبل تمامه يورث الجفاء.
ومن حق الأخ على الأخ: إلا يمتحنه فان الامتحان من جنس كشف العورة وقد قالوا: إياكم أن تمتحنوا إخوانكم فإن الله لا يمتحن عباده الا ان علم وفائهم كيلا يخجلهم بإظهار ما كان كامنا عندهم.
وقيل لكسرى: الا تمتحن أصحابك فقال: إذن نخرج كلنا عيوبا.
ومن حق الأخ على الأخ: أن يتهيأ للقائه بالحرمة والتعظيم كلما فارقه.
ومن حق الأخ على الأخ: إذا رآه فيما لا ينبغي أن يعتقد انه تاب من وقته وندم في سريرته وقد كان بعض السلف يقول: إني لاستحى من الله أن اقطع التوبة عن شخص عصى ربه ثم توارى عنى بجدار.
وقالوا: من قطع التوبة عن احد من العصاة رأى نفسه خيرا منه ضرورة وكل من ظن انه خير من احد من المسلمين فهو جاهل مخدوع ولو أعطي من الكرامات ما أعطي.

ومن حق الأخ على الأخ: إلا يخاصمه فان المخاصمة تقطع الود وقد قالوا: ما وجد أذهب للدين ولا أشغل للقلب من المخاصمة يتولد الغضب والحقد والخديعة حتى انه يكون في الصلاة وخاطره معلق بالمحاججة ولا يخفى ما في ذلك.

ومن حق الأخ على الأخ: إلا يبادر إلى هجره فان المبادرة إلى مثل ذلك ليست بمحمودة وخطؤها أكثر من صوابها.
ومن حق الأخ على الأخ: ألا يؤاخذه إذا قصر في حقه مراعاة للأدب

ومن وصية سيدي (على الخواص): اترك حقك لأخيك ما استطعت وأقل عثرة المروءات من إخوانك وإياك أن تعتدي على من اعتدى عليك فان الحق تعالى ما أباح الاعتداء إلا بشرط المثلية والمثلية متعذرة جدا فربما زادت وربما أثرت تلك السيئة في الخصم أكثر مما أثرت فيك والمجازاة رخصة للضعفاء.
ومن حق الأخ على الأخ: دوام الشفقة على أولاده والقيام بهم بعد موته

قال القوم: من لم يشفق على أولاد أخيه في غيبته ولم يقم بهم بعد موته فليس بصادق في إخوته.
ومن حق الأخ على الأخ: إلا يقره على بدعة وان لم يرجع عنها تركه خوفا على نفسه أن يلحقه شؤمها ولو بعد حين.
ومن حق الأخ على الأخ: أن يحفظ وده وان خانه هو أو زاغ مراعاة للود.
ومن حق الأخ على الأخ: أن لا يمن عليه بما فعله من المعروف إذ هو خاصمه ونسى ذلك المعروف.
فان ذكر المعروف في المخاصمة عنوان على عدم الإخلاص فيه ودليل على خسة الأصل فإن طيب الأصل لا يمن أبدا بما فعله مع أخيه من المعروف بل يرى الفضل لذلك الأخ الذي أكل عنده مثلا أو قبل منه هدية وفى الحديث (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) رواه الطبراني.
وقال بعضهم: المن بالمعروف في المخاصمة دمل لا يندمل.

مختصر من كتاب المختار من الأنوار فى صحبة الأخيار
للإمام عبدالوهاب الشعرانى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.