سيدى العز بن عبدالسلام (سلطان العلماء)

سلطان العلماء العز بن عبد السلام

عالم وقاضٍ مسلم، برع في الفقه والأصول والتفسير واللغة، وبلغ رتبة الاجتهاد

اسمه: عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مُهَذَّب، باتفاق العلماء وإجماع المصادر المعتمدة.

نسبه: السُّلَمي المغربي الدمشقي المصري الشافعي.

فهو “السُّلَمي”؛ نسبة إلى بني سُليم، إحدى القبائل المشهورة من قبائل مضر، ويُنسب إليهم كثيرون.

المغربي؛ أي يعود أصله إلى بلاد المغرب العربي، ولعل أحد أجداده جاء من المغرب وسكن الشام.

الدمشقي؛ نسبة إلى دمشق، لأن العز ولد وترعرع وطلب العلم بها، وتولى فيها المناصب والأعمال المختلفة، وقضى فيها معظم حياته.

المصري؛ نسبة إلى مصر، التي انتقل إليها واستقر بها ومات فيها ودفن، ولذلك يقال عنه: «المغربي أصلاً، الدمشقي مولداً، المصري داراً ووفاةً».

الشافعي؛ نسبة إلى مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي في الفقه الإسلامي، وينسب إليه العز لأنه تفقه على هذا المذهب، ودرّسه وأفتى به، وتولى القضاء للحكم بأحكامه، وصنَّف الكتب الفقهية في المذهب الشافعي، حتى بلغ رتبة الاجتهاد في المذهب

كنيته: أبو محمد.

ألقابه

من ألقابه “عز الدين”؛ جرياً على عادة ذلك العصر الذي انتشرت فيه الألقاب عامةً للخلفاء والملوك والأمراء والعلماء، والنسبة إلى الدين خاصة، فلُقب بعز الدين، ويختصر بـ”العز” وهي التسمية الشائعة في الاستعمال عند الناس وفي كتب التاريخ والتراجم والفقه. كما اشتهر بلقبه الثاني: “سلطان العلماء”، ويُعرف أيضاً بـ”ابن عبد السلام” إشارة إليه في بعض الأحيان، ولكن يشاركه في هذه التسمية الأخيرة غيره من المالكية خاصة، ومن الشافعية والحنابلة، ولذلك نسبت بعض كتبهم إلى العز بن عبد السلام. ولقب أيضاً بـ”القاضي”، وهذا وصف له لتوليه منصب القضاء في دمشق والقاهرة، كما لقب أيضاً بـ”قاضي القضاة” لتعيينه مسؤولاً عن القضاء والقضاة في الفسطاط والوجه القبلي.[10]

وأما لقب “سلطان العلماء” فقد لقبه به تلميذه الأول ابن دقيق العيد كما ذكره ابن السبكي فقال: «وهو الذي لَقَّب الشيخ عز الدين سلطانَ العلماء».[7] ووجه هذه التسمية أنه «أكّدَ مكانة العلماء، ورفع ذكرهم في عصره، وجسّد ذلك في مواقفه، في الإنكار على الحكام والسلاطين والأمراء لبعض تصرفاتهم المخالفة، وقارعهم بالحجة والبيان فغلبهم، وكان على رأس العلماء في هذا الموقف الصلب، مما عرّضه لكثير من المتاعب». واشتهر العز بن عبد السلام بهذا اللقب، ونقله معظم الكتاب والمؤلفين والمترجمين له، واتفقوا على استحقاق العز لهذه التسمية، ولكنهم اختلفوا في تعليلها، فذهب بعضهم إلى التعليل السابق، وقال كثيرون: «إنه اشتهر بهذا اللقب لنظراته التجديدية، ونفوره من التقليد، وبلوغه مرتبة الاجتهاد، وخاصة أنه عاش في عصر شاع فيه التقليد، والتزم الناس به، وهمس بعضهم بقفل باب الاجتهاد، وعكفوا على كتب السابقين وآرائهم، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث والاستنباط، ومواجهة الظروف المتغيرة والمسائل الجديدة والقضايا المطروحة، فخرج العز عن هذا الطوق بقوله وفعله واجتهاده وتصنيفه».كان العز بن عبدالسلام- رحمه الله- من أشهر فقهاء عصره والعصور التي تليه إلى يومنا هذا، نظرًا لمصنفاته المهمة ومواقفه البطولية في مواجهة التتار، ومواجهة ظلم الحكام.

وذكرت كتب التراجم والسير والطبقات ومنها كتاب “البداية والنهاية” للإمام ابن كثير وكتاب “سير أعلام النبلاء” وكتاب “العز بن عبد السلام: سلطان العلماء وبائع الملوك” للدكتور محمد الزحيلي الكثير من سيرة الإمام العز بن عبدالسلام والأحداث التاريخية التي شارك فيها فذكروا أنه ولد في الشام وتلقى العلم على يد كبار علماء عصره فبرع في الفقه والأصول والتفسير واللغة العربية، حتى انتهت إليه رياسة المذهب الشافعي، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصد بالفتاوى من كل مكان.. فاستحق لقب “سلطان العلماء” كما أطلقه عليه تلميذه ابن دقيق العيد.وظل في الشام يدرس ويفتي ويصنف المؤلفات المهمة، كما تولى العديد من المناصب العامة في القضاء والخطابة في مساجد دمشق، إلى أن هاجر إلى القاهرة وهو في سن الستين من عمره، وقد سبقته شهرته العلمية وغيرتُه الدينية وعظمته الخلُقية- فاستقبله سلطان مصر نجم الدين أيوب وأكرمه وولاه الخطابة في جامع عمرو بن العاص أكبر مساجد مصر وأهمها في ذلك الوقت، كما قلّده منصب قاضي قضاة مصر.والتف حوله علماء مصر وعرفوا قدره، وبالغوا في احترامه.. فامتنع عالم مصر الجليل الشيخ زكي الدين المنذري عن الإفتاء بحضوره احتراماً له وتقديراً لعلمه، فقال: “كنا نفتي قبل حضوره، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعيّن فيه”.ولأنه كان لا يخاف في الحكم لومة لائم، ورغم أن السلطان نجم الدين أيوب قد أكرمه وولاه المناصب، فإنه مع ذلك عندما حاول السلطان التدخل في القضاء طالبه بعدم الاقتراب من القضاء لأنه ليس من شأن السلطان، وعندما لم يستجب له قام العز بن عبدالسلام فجمع أمتعته ووضعها على حماره ثم قال: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)

ويقال إنّه تجمّع أهل مصر حوله، واستعدّ العلماء والصلحاء للرحيل معه، فخرج الملك الصالح يترضّاه، وطلب منه أن يعود وينفذ حكم الشرع.وبعد وصول قطز إلى مصر، وبدأ خطر التتار في الاقتراب من مصر بعد أن عاثوا في الأرض الفساد وصلت أخبار فظائعهم، كان للإمام العز بن عبد السلام دور بطولي في مواجهتهم بحث السلطان على حشد الجيوش لمواجهة التتار، وكان الأمر يتطلب الكثير من الأموال، فقرر حينها قطز أن يفرض ضرائب جديدة على المصريين.حينها وقف العز بن عبدالسلام في وجهه وطالبه ألا يأخذ شيئًا من الناس إلا بعد فراغ خزائن بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تتناسب مع غناهم حتى يتساوى الجميع في الإنفاق على الجيش، ولم يجد قطز مفرًا من تنفيذ كلام الإمام العز بن عبدالسلام.وفي سنة 660 هجريًا توفي الإمام العز بن عبدالسلام بعد تاريخ حافل من العلم والجهاد على كافة المستويات، ليدفن في قبره الموجود الآن بسفح المقطم في منطقة البساتين، ليعاني قبره من التهدم والإهمال الشديد دون تحرك من أحد لترميم قبر سلطان العلماء الذي أفنى حياته في العلم والجهاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.