واعجبا لواعظ يوعظ

قال عبد الواحد بن زيد: سمعت أن جارية مجنونة تسكن في الخراب , وتنطق بالحِكَم , فبحثت عنها حتى وجدتها , وهي محلوقة الرأس وعليها جبة صوف , فلما رأتني قال: مَرحباً بك يا عبد الواحد .

ثم قالت: يا عبد الواحد ما جاء بك ؟ , فقلت: جِئتُ لتعظينني , فقالت:
واعجباً لواعظ يوعظ , يا عبد الواحد اعلم أن العبد إذا كان في كفاية من الله تعالى, ومال بقلبه إلى شيء من الدنيا سلبه الله  حلاوة قربه ووصاله ‘فيصبح حيراناً وَلِهاً‘
فإن كان له عند الله جاه عاتبه في سره , فيقول له : عبدي أردت رفع قدرك عند ملائكتي , وأجعلك دليلاً لأوليائي , ومرشداً لأهل طاعتي , فَمِلتُ إلى عَرضِ الدنيا وتركتني , فأورثك ذلك الوحشة بعد الأنس , والذل بعد العز, وانقطاع بعد وصال , عبدي إرْجَعْ إلى ما كنت عليه , أرجع إليك كل ما قطعته عنك , ثم انصرفت عني وتركت حَسرَتُها في قلبي فكلما تذكرت موعظتها بَكِيتُ بكاءً شديداً على نفسي ([1])

([1]) تفسير إبن عجيبة .

تحميل كتاب قطوف من بستان الصالحين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.