يروى عن أبي يوسف أشهر تلاميذ الامام الأعظم أبي حنيفة انه قال :
توفي أبي وتركني صغيرًا في حِجر أمي ، فأرسلتني إلى خياط أتعلم منه حرفته ، فكنتُ أترك الخياط وأذهب إلى حلقة أبي حنيفة ، فكانت تأتي إلى المسجد وتأخذني من يدي وتعيدني إلى الخياط ، وكان أبو حنيفة يدنيني منه ويعلمني لما رأى مني من حب العلم ، ولما تكرر غيابي عن الخياط ، جاءت إلى المسجد وقالت لأبي حنيفة : ما لهذا الصبي من فساد غيرك ، إنه يتيم يعولنا وأنت تشغله عما أرسلتُه له !
فقال لها أبو حنيفة : دعيه ، إنه يتعلم أكل الفالوذج بدهن الفستق !
فقالت له : فالوذج بدهن الفستق ذاك الذي لا يأكله إلا الخليفة ، والله إنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك !
ويواصل ابو يوسف قائلا : فلزمتُ أبا حنيفة آخذ عنه ، حتى إذا مات رحمه الله خلفتُه في حلقته ، فلما ذاع صيتي ، أرسل إليّ الرشيد وولاني القضاء ! فزرته يومًا في مجلسه ، فجيء له بطعام فدفعه إليّ وقال : كُل أبا يوسف ، فأكلتُ طعامًا لم أذقه من قبل !
فقال لي : أتدري ما أكلتَ ؟ , قلت ُ: لا
قال : هذا فالوذج بدهن الفستق !
فجعلتُ أبتسم ُ، فسألني عما أضحكني ، فرويتُ له قصة أمي مع أبي حنيفة
فقال : رحم الله أبا حنيفة كان يرى بعين عقله ما لا يراه الناس بعيون رؤوسهم([1])
([1])تاريخ بغداد 14/ 244 ، 245 , المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 1-17 ج9 لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن/ابن الجوزي ص 73 , وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان 1-6 مع الفهارس ج5بواسطة أبي العباس أحمد بن محمد ابن خلكان ص 327 , مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم 1-3 ج2 بواسطة بطاش كبري زاده / أحمد ص 312 .