الذي يوسوس في صدور الناس

قوله تعالى : { الذي يوسوس في صدور الناس }

إذا غفلوا عن ذكر الله ، ولم يقل : في قلوب الناس؛ لأن الشيطان محله الصدور ، ويمد منقاره إلى القلب ، وأما القلب فهو بيت الرب ، وهو محل الإيمان ، فلا يتمكن منه كل التمكن ، وإنما يحوم في الصدر حول القلب ، فلو تمكن منه لأفسد على الناس كلهم إيمانهم .
قال ابن جزي : وسوسة الشيطان بأنواع كثيرة ، منها : فساد الإيمان والتشكيك في العقائد ، فإن لم يقدر على ذلك ثبطه عن الطاعات ، فإن لم يقدر على ذلك أدخل الرياء في الطاعات ليحبطها ، فإن سلم من ذلك أدخل عليه العجب بنفسه ، واستكثار عمله ، ومن ذلك : أنه يوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب ، حتى يقود الإنسان إلى سوء الأعمال وأقبح الأحوال .
وعلاج وسوسته بثلاثة أشياء ، وهي : الإكثار من ذكر الله والإكثار من الاستعاذة منه ، ومن أنفع شيء في ذلك : قراءة سورة الناس . انتهى
قلت : لا يقلع الوسوسة من القلب بالكلية إلا بصحبة العارفين ، أهل التربية ، حتى يدخلوه مقام الفناء ، وإلا فالخواطر لا تنقطع عن العبد .

تفسير ابن عجيبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.